تأهل المنتخب الإسباني لنهائي بطولة أمم أوروبا لكرة القدم (يورو 2008) المُقامة حالياً في النمسا وسويسرا، بعد فوزه الكبير على نظيره الروسي في المباراة الثانية للدور نصف النهائي الخميس على ملعب إرنست هابل العاصمة النمساوية فيينا (3-صفر)، ليلتقي الماتادور الإسباني مع الماكينات الألمانية في نهائي البطولة الأحد المقبل على نفس الملعب.
بدأت المباراة وفي ذهن كلا المنتخبين نتيجة المباراة التي جمعتهما يوم العاشر من حزيران/ يونيو الجاري في الدور الأول ضمن المجموعة الرابعة والتي فازت فيها إسبانيا ( 4-1)، حيث سعى الإسبان لإثبات جدارتهم باحتلال صدارة المجموعة وأحقيتهم بالفوز على روسيا، التي سعت من ناحيتها للثأر من الخسارة القاسية، وفي نفس الوقت مواصلة عروضها القوية عقب الخسارة من إسبانيا.
وفضل لويس آراغونيس مدرب إسبانيا البدء بنفس التشكيلة التي لعبت أمام روسيا في دور المجموعات مع الاستمرار في نفس الطريقة التي يلعب بها منذ انطلاق البطولة بالاعتماد على الثنائي آندريس إنييستا وتشابي هرنانديز في مد المهاجمين فرناندو توريس ودافيد فيا بالكرات القصيرة الخطيرة من وراء مدافعي روسيا.
لكن آراغونيس كان يُدرك أن الروس سيتعلمون من درس المباراة الأولى، فكلف سرجيو راموس بمهام هجومية من ناحية اليمين ظهرت بعض خطورتها في الربع ساعة الأولى من الشوط الأول، فيما عانى الروس من غياب بعض لاعبيه بسبب الإصابة والإيقاف، وعمدوا إلى تهدئة اللعب في أغلب فترات الشوط الأول لامتصاص حماس الإسبان.
لم يترك الإسبان الفرصة كثيراً للروس للتحكم في الكرة أكثر من أربع دقائق فقط، عندما مرر تشابي هيرنانديز كرة عرضية خطيرة في الدقيقة (4) من جهة اليمين فشل راموس في اللحاق بها داخل المنطقة، بعدها بدقيقتين مرر دافيد فيا كرة قصيرة خطيرة داخل المنطقة لتوريس لكن تنشق الأرض عن جيركوف لاعب روسيا فيشتتها لركنية.
أما أول هجمة منظمة لروسيا كانت في الدقيقة (9) عندما مرر ألكسندر أنيوكوف الكرة في جهة اليمين للمنطلق من الخلف إيفان ساينكو الذي مررها بدوره عرضية قوية أمسكها كاسياس قبل أرشافين.
وفي الدقيقة (11) قام دافيد فيا بفاصل مهاري مراوغاً المدافع الروسي سيرغي إغناشفيتش وسدد قوية من حوالي 25 متراً حولها إيغور آكينفيف حارس روسيا ببراعة إلى ضربة ركنية.
استمرت إسبانيا معتمدة على انطلاقات راموس من جهة اليمين الذي شكل جبهة هجومية قوية مع فيا الذي مال قليلاً للناحية اليمنى للهروب من الرقابة المُشددة عليه من ألكسندر أنيوكوف، فيما لجأ الروس إلى التركيز على التمريرات العرضية من ساينكو من جهة اليمين استغلالاً للمساحات الخالية في الجبهة اليسرى لإسبانيا نتيجة انشغال دافيد سيلفا بالشق الهجومي.
وتصدى رومان بافليوتشنكو لضربة حرة مباشرة من خارج منطقة جزاء إسبانيا في الدقيقة (16) فعلت كرته العارضة بقليل، ثم تصدى فيا لضربة حرة مباشرة في الدقيقة (28) خارج حدود المنطقة سددها قوية في يد آكينفيف.
وتلقى الإسبان ضربة موجعة بإصابة هدافهم الأول في البطولة دافيد فيا (4 أهداف) صاحب الهاتريك الأول والوحيد في البطولة حتى الآن في مباراة روسيا الأولى، ونزل بدلاً منه سيسك فابريغاس، ما أدى لتغيير خططي في الشق الهجومي حيث حل فابريغاس محل توريس في قلب الهجوم، فيما لجأ الأخير للقيام بدور فيا قبل إصابته بدعم الجهة اليمنى الهجومية مع راموس.
وكاد الروس أن يبادروا بالتهديف في الدقيقة (29) عندما استغل رومان بافليوتشنكو كرة ضالة على حدود منطقة الجزاء سدها ببراعة في المقص الأيسر لكاسياس الذي تصدى لها بصعوبة، وحولها ركنية لم يحتسبها الحكم.
وظهرت تعليمات جديدة من هيدينك للاعبيه منذ الدقيقة (30) بتحرك أندري أرشافين ناحية اليسار للهروب من الرقابة المفروضة عليه وتشكيل جبهة هجومية مع يوري جيركوف، مع احتفاظ لاعبي روسيا بالكرة في منتصف ملعب إسبانيا أكثر وقت ممكن، وبالفعل كادت تعليمات هيدينك تؤتي ثمارها في الدقيقة ( 31) عندما مرر جيركوف من ناحية اليسار عرضية خطيرة لبافليوتشنكو الذي امتصها على صدره داخل المنطقة لكنه سددها ضعيفة بيسراه خارج المرمى.
وفي الدقائق المتبقية من الشوط الأول، بدأ أداء الروس يرتفع مع هبوط في مستوى إسبانيا خاصة عقب خروج فيا، لكن لم تُشكل هجمات روسيا في هذه الفترة أي خطورة تُذكر.
الشوط الثاني
على عكس المتوقع تماماً، هبط أداء روسيا، وفاجأ آراغونيس هيدينك بتغيير تكتيكه في الدقائق الأولى من الشوط الثاني، بضغط إنييستا وتوريس على فاسيلي بيريزوتسكي ناحية اليمين، ولم يتمكن اللاعب في الصمود أمام هذا الضغط سوى خمس دقائق فقط من بداية الشوط الثاني، عندما سدد انييستا كرة قوية فاصطدمت بأطراف قدم أحد مدافعي روسيا فيقتنصها تشابي بقدمه داخل المرمى.
واستمرت إسبانيا على خطتها المفاجئة، فقام توريس بفاصل مهاري من جهة اليسار وسدد كرة قوية مرت فوق العارضة في الدقيقة (53).
في المقابل، قام هيدينك بتغييرات هجومية في محاولة لإدراك التعادل، فقام بإخراج كلاً من إيغور سيمشوف وحل بدلاً منه دينيار بيليالتدينوف (56) بعدها بدقيقة دفع باللاعب ديمتري توربينسكي بدلاً من ساينكو.
لكن الغريب، أن هيدينك لم يُعالج مشكلة الضعف الواضح في الجبهة اليمنى الدفاعية لفريقه، نتيجة الضغط المستمر من إنييستا وتوريس على بيريزوتسكي، ففي الدقيقة (62) أضاع توريس هدفاً سهلاً بعد تلقيه تمريره إنيسستا العرضية سددها ضعيفة بيمينه بعيداً عن المرمى المفتوح أمامه.
في الدقيقة (68) أخرج آراغونيس تشابي هيرنانديز ودفع بتشابي الونسو، و أدخل دانييل غويزا بدلاً من توريس.
وظهر فابريغاس لأول مرة في الكادر بتصويبة قوية من 25 ياردة في الدقيقة (69) حولها آكينفيف إلى ركنية، ثم قام غويزا برد الجميل لمدربه بهدف جميل في الدقيقة (74) عندما تلقى تمريرة فابريغاس بعد عدة تمريرات على حدود منطقة جزاء روسيا، فانفرد هداف الدوري الإسباني على أثرها بآكينفيف ووضعها من فوقه داخل المرمى مُسجلاً الهدف الثاني للماتادور الإسباني.
امتلك الإسبان الكرة أكثر وبدأوا في التلاعب بالمنتخب الروسي، الذي تراجع أدائه بشكل غير طبيعي، ولم يظهر لنجمه آرشافين على وجه الخصوص أي فعالية، واستسلم لاعبوه تماماً للاستعراض الإسباني في منتصف الملعب، فكان طبيعياً أن ينتج ذلك عن هدف ثالث، عندما انطلق فابريغاس في "الشارع" الأيمن لدفاع روسيا ومرر عرضية لدافيد سيلفا داخل المنطقة هيأها لنفسه ووضعها بسهولة داخل المرمى على يمين الحارس الروسي في الدقيقة (83).
واستمر التلاعب الإسباني بالمنتخب الروسي في الدقائق المتبقية من المباراة، حتى أطلق حكم المباراة البلجيكي فرانك دي بييلكر صفارته معلناً نهاية المباراة وتأهل إسبانيا إلى الدور النهائي.